10‏/02‏/2012

من هو ديميتري...؟؟؟ صاحب السوبرمارشي بشارع محمد الخامس بورزازات


من هو ديميتري...؟؟؟ صاحب السوبرمارشي بشارع محمد الخامس بورزازات

يعتبر "ديميتري كاتراكازوس" واحدا من أهم الشخصيات المعروفة في ورزازات على الإطلاق، فمن هو هدا الشخص؟ و كيف طبع هذه المدينة باسمه؟

"ديميتري" هو مهاجر يوناني، من جزيرة تدعى "ليمنوس". ففي (سن 14) قرر "ديميتري" الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عشرينيات القرن الماضي، هذه الرحلة التي قادته إلى الدارالبيضاء، حيث تتوقف السفن أنداك للاستراحة و للتزود بالوقود. و في هده المدينة، سيلتقي شخص يوناني يدعى "فان فاكيروس" و هو مجهز بواخر يوناني بميناء الدارالبيضاء، و التي استقر بها مند 1904م، و الذي سيقترح عليه البقاء في المغرب، و تجربة حظه فيه دون إتمام الرحلة إلى أمريكا.

سافر "ديميتري" أولا إلى "واد زم" حيث أمضى شهورا، و منها توجه راجلا إلى ورزازات، ذات يوم بارد في نونبر 1928م، رفقة جنود الاستعمار، حيث كان يشتغل في مصلحة الإطعام، و دلك في إطار حملة عسكرية للاستعمار الفرنسي في منطقة صاغرو ضد قبائل أيت عطا بقيادة "عسو أوبسلام". و كانت ورزازات في دلك الوقت عبارة عن قصبة تاوريرت كمقر لإقامة القائد "حمادي الكلاوي" و بعض الدواوير المجاورة، دلك أن القوات الفرنسية لازالت ترابض في المنطقة تحت الخيام، حيث استقبل "ديميتري" في ورزازات من طرف يوناني آخر كان مستقرا بها.

و يحكى أنه بعد مقاومة أيت عطا للاستعمار لعدة شهور، سيقابل "عسو أوبسلام" الجنرال الفرنسي "هيري" و الذي سوف يعتقله مع رفاقه تحت خيمة يحرسها جنود مشاة سينغاليين، و كان الجو حارا، شعروا معه بالجوع و العطش، لكنهم لم يريدوا أكل الطعام الذي قدمه لهم الجنود خوفا من قتلهم بالسم. و كان "ديميتري" يعطي لهم خفية قنينات ماء "فيشي" مغلقة و علب السردين. و بعد إطلاق سراحه لم ينسى "عسو أوبسلام" صنيع "ديميتري" حتى وفاته بأن حافظ على صداقة الرجل، و كثيرا ما يتحدث سكان أيت عطا عن هده الواقعة في معرض حديثهم عن معركة بوكافر الشهيرة.

بعد مدة من استقرار "ديميتري" بورزازات، سوف ينشئ أول نشاط اقتصادي له، و هو مطعم "ملتقى عمال المناجم" (اسمه اليوم : "عند ديمتري ") و الذي يعتبر أول مطعم في جنوب سلسلة الأطلس، و الذي لا يزال مشتغلا إلى اليوم و يسيره "ابن ديميتري". و في تلك المرحلة، كانت سلطات الحماية بالمغرب تشجع كل من يريد القيام بنشاط تجاري، و بدلك الدعم استطاع "ديميتري" أن يفتح أول مطعم و السالف الدكر، حيث فطن هدا اليوناني إلى أن المناجم هي منبع الحياة لهده المنطقة. و هكذا سوف تصنع أجور عمال المناجم و الجنود ازدهار المدينة الناشئة و معها "ديميتري".

تواجد المحل التجاري ل"ديميتري" على الشارع الرئيسي بالمدينة (شارع محمد الخامس حاليا) أنداك جعل منها محطة استراحة لا مناص منها لكل المسافرين، فهي أول محطة للحافلات، أول محطة للبنزين، أول مكتب للبريد، أول مخدع هاتفي، أول قاعة للرقص (البالي)، أول محل لبيع الكحول، أول مربي للخنازير...

و بعد سنوات من الكد و الجد، سيحصل ديميتري، في الجهة المقابلة من الشارع، على محل آخر استعمله لبيع البقالة (سوبر مارشي ديميتري اليوم) و كفندق.. كما أنه حصل على أول ترخيص لبيع التبغ بالجنوب؛ و بدأ في تموين كل عمال الأوراش المنطلقة بورزازات، خاصة أوراش الطرقات، و عمال المناجم، و الجنود؛ بل تعداه إلى إعطاء قروض و تسبيقات نقدية لهم...
و هكدا سيصبح اسم ديميتري اليوناني مقترنا باسم ورزازات، بل و منطقة الجنوب كلها، واضعا خدماته تحت تصرف الكل من مدنيين و عسكريين، مغاربة و أجانب، و خير تعبير على دلك كتابته للعبارة التالية في محله التجاري :

“Chez Dimitri, tout est permis, même faire pipi sur les tapis”.

و ستلتحق به زوجته قبيل الاستعمار بقليل، و التي فضلت الاستقرار بالدار البيضاء، و بما أن مشروعه ناجح فقد كان يتمكن من زيارتها في كل مرة عبر الطائرة.

و بفضل هده المجهودات التي قام بها هدا الرجل اليوناني/الورزازي، فقد كان محور تحول ورزازات من قصبة و دواوير إلى مدينة صغيرة، بعد أن أقنع الكثيرين بالاستقرار بهده الربوع المنسية في دلك الزمان، معتمدا في دلك على ثقته بنفسه و إيمانه بالمستقبل الذي صنعه بإرادته القوية.

كانت حياة "ديميتري" عبارة عن مغامرة مليئة بالأحداث و اللقاءات الدافئة مع الآخرين، و تحول حلمه في هده المدينة إلى حقيقة، حيث جاء إليها راجلا في سن (14) سنة 1928م، ليشهد في 1988م أول رحلة طيران تجارية مباشرة بين ورزازات و باريس و عمره 60 سنة. فارق ديميتري الحياة سنة 1991م، بعد عمر حافل بالعطاء، ليتولى ابنه "بيير" الحفاظ على ذاكرة أبيه و معها ذاكرة ورزازات، من خلال الحفاظ على أهم المعالم و هي : "المطعم و السوبر مارشي".

و يرى بعض الورزازيين أن ديميتري، و رغم كل الأموال التي راكمها فليس له أي وقع على التنمية في المنطقة و على أهلها, عكس إبنه الذي انخرط في العمل الجمعوي بترؤسه لجمعية آفاق المعاقين بالمدينة. و على العكس من ذلك فقد تم التعرف على مختلف أنواع الخمور و الكحول و المدمنين و المتسكعين بسبب متجره داك... كما يؤكد البعض أن قاعة الحفلات بالعمالة القديمة هي أول ملهى و أن قاعة Mme Achard هي أول قاعة للعروض السينمائية و فيما يخص أول محطة للحافلة La strace فتوجد بساحة النوادر بتاوريرت عكس ما يذكره البعض من أن ديميتري هو السباق إلى إحداثها.. و تبقى علاقته بخلفاء كلاوة في تاوريرت و بالمستعمر الفرنسي، و ما تلاها من خراب تمغزازت و مصادرة أملاك السكان الأصليين بالمنطقة محط جدال و نقاش تاريخي..

و رغم كل هذا الجدل الذي رافق هذه الشخصية.. يبقى ديميتري واحدا من الشخصيات التي طبعت تاريخ ورزازات..
محمــــــــــد أزكيــــــــــــــغ
من أبنـــــــاء ورزازات
 
منقول من : Mohamed Azouguigh

0 commentaires:

إرسال تعليق

إنشرها على :

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites